ثالثاً: المداراة.
أخرج ابن حبان في الصحيح عن سَمُرَة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المرأة خلقت من ضلع فإن أقمتها كسرتها فدارها تعش بها». وفي المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء». وفي رواية لمسلم: «إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها».
رابعاً: المبيت.
إن كان الرجل متفرداً أي ليس تحته إلا امرأة واحدة فعليه، وهو مقيم أن لا يقل مبيته عندها عن ليلة من كل أربع ليالٍ، والدليل على أن المبيت الواجب ليلة من كل أربع الإجماع فقد أخرج عمر بن شبه عن الشعبي أن كعب بن سوار كان جالساً عند عمر بن الخطاب فجاءت امرأة فقالت يا أمير المؤمنين ما رأيت رجلاً قط أفضل من زوجي والله إنه ليبيت ليله قائماً ويظل نهاره صائماً فاستغفر لها وأثنى عليها واستحيت المرأة وقامت راجعة فقال كعب يا أمير المؤمنين هلا أعديت المرأة على زوجها؟ فجاء فقال لكعب اقض بينهما فإنك فهمت من أمرها ما لم أفهم قال فإني أرى كأنها امرأة عليها ثلاث نسوة هي رابعتهن فأقضي له بثلاث أيام ولياليهن يتعبد فيهن ولها يوم وليلة فقال عمر والله ما رأيك الأول بأعجب إلي من الآخر اذهب فأنت قاضٍ على أهل البصرة وفي رواية فقال عمر نعم القاضي أنت. وهذه القضية انتشرت فلم تنكر فكانت إجماعاً. وإن كانت له زوجتان أو أكثر لزمه التسوية بينهن لحديث أبي هريرة المروي في السنن وغيرها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط». وفي رواية: «وشقه مائل» والميل المنهي عنه هو ما ورد في قوله تعالى: ]فلا تميلوا كل الميل[ (النساء/129) وكل الميل هو الفعل مع الهوى، أما الهوى وحده في القلب دون أن يظهر فمما لا يملك الإنسان، لما أخرجه أصحاب السنن من حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك».
خامساً: أن يعطيها حقها بالمعروف.
لقوله تعالى: ]ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف[ (البقرة/228) والمعروف هو إعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه وأداؤه إليه بطيب النفس لا بصيرورته إلى طلبه، ولا تأديته بإظهار الكراهية لتأديته.
سادساً: الدفاع عنها كعرض.
إذا تزوج الرجل المرأة أصبحت عرضه فيجب عليه الدفاع عن هذا العرض ولو أدى إلى قتله لقوله صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون عرضه فهو شهيد». وهذا إخبار أريد به الطلب، وهو طلب جازم.
سابعاً: لا يفشي سر المرأة.
أخرج مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أشر الناس عند الله منـزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها». وروى ابن قدامة في المغني عن الحسن قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرجال والنساء فأقبل على الرجال فقال: «لعل أحدكم يحدث بما يصنع بأهله إذا خلا» ثم أقبل على النساء فقال: «لعل إحداكن تحدث النساء بما يصنع بها زوجها» قال فقالت امرأة إنهم ليفعلون وإنا لنفعل فقال: «لا تفعلوا فإنما مثل ذلكم كمثل شيطان لقي شيطانه فجامعها والناس ينظرون». وروى أبو داود مثله عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثامناً: لا يعاقب إلا عقوبة مشروعة.
والعقوبات المشروعة مذكورة في قوله تعالى: ]واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن[ (النساء/34) وللزوج أن يقتصر على واحدة من هذه العقوبات وله أن يجمعها لأن الواو لمطلق الجمع. والوعظ أن يخوفها بالله عز وجل وبما يلحقها من الضرر بسقوط النفقة والقسم. والهجر يكون في المضجع ويكون بهجر الكلام، فإذا كان بالكلام أي هجر كلامها فلا يحل له أن يزيد عن ثلاث لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام». أما هجر المضجع فيجوز أن يزيد عن ثلاث أما الضرب المرخص فيه فهو الضرب غير المبرح كما ورد في حديث عمرو بن الأحوص الجشمي رضي الله عنه عند الترمذي وقال حسن صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: «ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح...» الحديث، ومعنى عوان أي أسيرات، والفاحشة المعصية، والضرب المبرح هو الشاق الشديد. وأخرج مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال في خطبته بعرفة: «فاضربوهن ضربا غير مبرح». ويكره ضرب الوجه لما رواه أبو داود بإسناد حسن عن معاوية بن حبدة القشيري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت». والتقبيح هو أن يقول قولاً قبيحاً أو يشتمها أو أن يقول قبحك الله. أما لعنها أو لعن أهلها أو غيرهم فهو حرام. وإذا ضرب بالسوط أو نحوه فلا يزيد على عشر جلدات لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: «لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله».