آله و سلم إذ يقول : (لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس)13.
و ما بين شهادة لا إله إلا الله و إماطة الأذى عن الطريق و زرع الأشجار و غرس الفسائل إذا قامت الساعة أفق حضاري عظيم عاشه المسلمون فما قامت في وجههم عقيدة منحرفة و لا مذهب باطل و ما كان ذلك إلا بالصدق و الاستمرار عليه و هذا بيت القصيد ؛ فالإنسان مغرور فرداً كان أم جماعة و الصدق ينجيه فرداً كان أم جماعة الصدق ظاهرُ أوله شدة ، وأوله و نهايته خير ، والكذب ظاهر أوله رحمة و أوله و آخره شقاء و الصدق يفضح الكذب و الحق يدمر الباطل ، مجرد التزامك بالحق هو نسف للباطل ، إنسان واحد لا يرتشي يفضح كل مرتش في الأمة ؛ إنسان واحد يتكلم بالحق يفضح كل دجال و منافق ، إنسان واحد لا يسرق يفضح كل سارق ؛ هذه معادلات إيمانية ، وعلى الإنسان أن يبذل ما يستطيعه ؛ ما تستطيعه اعمل له ، عليك بالصدق و الاستمرار به حتى تلقى الله عز و جل ؛ الصدق ينسف الباطل و لو لم تتحرش بالباطل فإنه ينهار و يتفتت لأنه أكذوبة ووهم نعيشه بما نجعل له في قلوبنا ؛ فمن علم ذلك انهارت عنده صورة الباطل و رأى ذلك ببصيرته قبل أن يراه ببصره
ونضرب لذلك مثالا كلكم يعلمه : الشيوعية في الاتحاد السوفييتي ملأت الدنيا صراخاً و عجيجاً ، سفكت الدماء وذبحت ، قامت بثورات رهيبة ، وماذا بعد؟ لقد انهارت!! لأنها قائمة على باطل وكان أهل الإيمان منذ أيامها الأولى يقولون ستسقط ، وسقطت ، والرأسمالية اليوم ستسقط لأنها لا تقوم على توازن رباني ؛ الأنظمة الفاسدة لا بد أن تنهار و لكنكم قوم تستعجلون ؛ أعمارنا قصيرة أيها الإخوة .. أسمعتم بقصة الغلام المؤمن التي جاءت في الصحيح ؛ الغلام المؤمن كان يعيش في جوٍ فيه عبودية لغير الله ، حاولوا قتله مراراً فما استطاعوا ، بصدقه قلب الأمور على أصحابها و هو غلام!
و هذه أشد شعوب الأرض همجية و سفكاً للدماء المغول و التتار ؛ هزموا المسلمين عسكرياً و هزمهم المسلمون حضارة و عقيدة ؛ شريعة و فكراً ؛ ثقافة و فنا ، وكل ذلك كان من الصدق الذي هو معجزة هذه العقيدة ؛ حملها القرآن إلى البشرية و عانقتها نفوس السابقين فسعدوا في الدنيا و يوم القيامة يقال لهم : (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جناتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم و رضوا عنه ذلك الفوز العظيم)14. وأستغفر الله.
الإحالات :
1- آل عمران 102.
2- التوبة 119.
3- النساء 69.
4- البخاري ، كتاب الأدب 5629.
5- البقرة 177.
6- البقرة 177.
7- الإسراء 80 .
8- مسند أحمد ، باقي مسند الأنصار 21365 ، مع اختلاف بسيط.
9- البقرة 278 - 279.
10- مسلم ، الإيمان 51.
11- البخاري ، المزارعة 2320.
12- مسند أحمد ، باقي مسند المكثرين 12512.
13- مسلم ، كتاب البر و الصلة و الآداب 4745.
14- المائدة 119.