وعن تحولها المفاجئ من حياة لاهية عابثة إلى أخرى تقول :
" كان ذلك أثناء رحلة لنا في بيروت المحطمة ، حيث رأيت كيف يبني الناس هناك الفنادق والمنازل تحت قسوة المدافع ، وشاهدت بعيني مستشفى للأطفال في بيروت ، ولم أكن وحدي ، بل كان معي زميلاتي من أصنام البشر ، وقد اكتفين بالنظر بلا مبالاة كعادتهن .
ولم أتكمن من مجاراتهن في ذلك . . فقد انقشعت عن عيني في تلك اللحظة غُلالة الشهرة والمجد والحياة الزائفة التي كنت أعيشها ، واندفعت نحو أشلاء الأطفال في محاولة لإنقاذ من بقي منهم على قيد الحياة .
ولم أعد إلى رفاقي في الفندق حيث تنتظرني الأضــواء ، وبدأت رحلتي نحو الإنسانية حتى وصلت إلى طريق النور وهو الإسلام .
وتركت بيروت وذهبت إلى باكستان ، وعند الحدود الأفغانية عشت الحياة الحقيقية ، وتعلمت كيف أكون إنسانية .
وقد مضى على وجودي هنا ثمانية أشهر قمت بالمعاونة في رعاية الأسر التي تعاني من دمار الحروب ، وأحببت الحياة معهم ، فأحسنوا معاملتي .
وزاد قناعتي في الإسلام ديناً ودستوراً للحياة من خلال معايشتي له ، وحياتي مع الأسر الأفغانية والباكستانية ، وأسلوبهم الملتزم في حياتهم اليومية ، ثم بدأت في تعلم اللغة العربية ، فهي لغة القرآن ، وقد أحرزت في ذلك تقدماً ملموساً .
وبعد أن كنت أستمد نظام حياتي من صانعي الموضة في العلم أصبحت حياتي تسير تبعاً لمبادئ الإسلام وروحانياته
وتصل " فابيان " إلى موقف بيوت الأزياء العالمية منها بعد هدايتها ، وتؤكد أنها تتعرض لضغوط دنيوية مكثفة ، فقد أرسلوا عروضاً بمضاعفة دخلها الشهري إلى ثلاثة أضعافه ، فرفضت بإصرار . . فما كان منهم إلا أن أرسلوا إليها هدايا ثمينة لعلها تعود عن موقفها وترتد عن الإسلام .
وتمضي قائلة :
" ثم توقفوا عن إغرائي بالرجوع . .ولجأوا إلى محاولة تشويه صورتي أمام الأسر الأفغانية ، فقاموا بنشر أغلفة المجلات التي كانت تتصدرها صوري السابقة عملي كعارضة أزياء ، وعلقوها في الطرقات وكأنهم ينتقمون من توبتي ، وحالوا بذلك الوقيعة بيني وبين أهلي الجدد ، ولكن خاب ظنهم والحمد لله " .
وتنظر فابيان إلى يدها وتقول :
" لم أكن أتوقع أن يدي المرفهة التي كنت أقضي وقتاً طويلاً في المحافظة على نعومتها سأقوم بتعريضها لهذه الأعمال الشاقة وسط الجبال ، ولكن هذه المشقة زادت من نصاعة وطهارة يدي ، وسيكون لها حسن الجزاء عند الله سبحانه وتعالى إن شاء الله " .
جريدة المسلمون العدد 238 .