الأول: نشأة علم النفس:فهو قد نشأ نشأة غربية ووجد كغيره من سائر العلوم الإنسانية المعاصرة، والمسلمون لا يحسنون إلا الترجمة والنقل الحرفي، دون تمييز وتمحيص مايتعارض مع الشرع من هذه العلوم.
وأكثر جامعات بلاد المسلمين فيها فروع مستقلة لعلم النفس وسائر العلوم الإنسانية، فكيف تدرس هذه العلوم؟
إن أعضاء هيئة التدريس فيها هم ممن تخرج في الجامعات الغربية، أو درس على يد خريجيها، وقليل منهم من يملك العلم والحصانة الشرعية التي تعينه على نقد وتمحيص مايتعارض مع الشريعة الإسلامية، بل طوائف كثر من هؤلاء لايؤمنون بمبدأ التأصيل الإسلامي والمراجعة الشرعية لهذه العلوم، ومن ثم فخريجو هذه الجامعات سيتلقون ويتعلمون هذه العلوم بالنَّفَس والروح الغربية.
وحين تقلب الطرف بمكتبة من المكتبات العربية فستجد قسما خاصًّا للكتب المؤلفة في علم النفس وسائر العلوم الإنسانية باللغة العربية، وهذه الكتب لا تعدو أن تكون نقلا حرفيًّا لما قرره علماء الغرب، ولا تعدو أن تكون ترجمة ركيكة –في الأغلب- لعلم النفس الغربي.
قد يكون من المقبول أن تترجم علوم مادية بحتة كالطب والفيزياء والكيمياء والهندسة ونحوها، لكن العلوم الإنسانية لا يليق أن ننقلها من تلك المجتمعات نقلا حرفيا.
ومما يزيد المشكلة تأخر كثير من الخيرين المتخصصين في هذه التخصصات عن عرض نتاج علمي يتناول هذه العلوم بما يتفق مع الشريعة الإسلامية.
الثاني: العلوم الإنسانية تتأثر بشخصية الباحث:إن الذي يبحث في أي فرع من فروع العلوم الإنسانية لا يمكن أن يتخلص من شخصيته ونظرته للإنسان، ومن نظرته للدين، ومن نظرته للأخلاق والسلوك…إلخ، لكل هذه الاعتبارات كان هذا العلم الذي نشأ في الغرب لا يعدو أن يكون انعكاسا لنظرتهم تجاه الدين والأخلاق.
ومن أوائل علماء النفس الغربيين الذين عنوا بالمراهقة عالم غربي اسمه ستانلي هول. ألف كتابه عام 1917م يقول فيه عن مرحلة المراهقة:" المراهقة فترة عواصف وتوتر وشدة تكتنفها الأزمات النفسية، وتسودها المعاناة والإحباط والصراع والقلق والمشكلات وصعوبات التوافق".
ويرى آخر وهو: جراندر الذي كتب كتابه عام 1969 م أن المراهقة مجموعة من التناقضات، ويشبه البعض حياة المراهق بحلم طويل في ليل مظلم تتخلله أضواء ساطعة تخطف البصر أكثر مما تضيء الطريق فيشعر المراهق بالضياع ثم يجد نفسه عند النضج، ويصفها البعض بأنها مرحلة جنون.
ويعتبر ستانلي هول الذي أشرنا إليه قبل قليل أن جميع المراهقين مرضى ويحتاجون إلى المعالجة الطبية والنفسية.
إن هذه الأقوال وغيرها لا يمكن أن تفصلها عن شخصية أولئك الذين قالوها فهم ممن نشأ في تلك المجتمعات وعاش فيها وتشرب قيمها.
الثالث: الدراسات الإنسانية تمثل المجتمعات التي أجريت فيها:إن الدراسات الإنسانية هي في الأغلب نتاج دراسات وبحوث أجريت على الإنسان الغربي، ولا يسوغ أن يعمم نموذج الرجل الغربي على سائر المجتمعات فضلاً عن المجتمعات المسلمة.
هل يسوغ أن نقيس المراهق الذي عاش في بلد مسلم يتسم بقدر كبير من المحافظة على المراهق الذي عاش في مجتمع غربي منحل؟
وهاهو أحد الزعماء الأمريكان ألا وهو جون كنيدي يطلق تصريحه المشهور (عام 1962م) الذي يقول فيه:"إن مستقبل أمريكا في خطر لأن شبابها منحل غارق في الشهوات، لا يقدِّر المسؤولية الملقاة على عاتقه، وإنه من بين كل سبعة شبان يتقدمون للتجنيد يوجد ستة غير صالحين لأن الشهوات التي